
جيلاني فيتوري
في عالمٍ تغلب عليه المنافسة الشرسة، وتندر فيه التجارب النسائية في القطاعات الشاقة، تبرز قصة نجاح تونسية استثنائية بدأت فصولها سنة 1994 في إيطاليا. هي امرأة تونسية هاجرت بحثًا عن فرصة أفضل، فاشتغلت بيديها وعقلها وإصرارها في كل ما توفر من عمل: من الخياطة، إلى التجارة بين تونس وإيطاليا، وصولًا إلى مجال لم يسبق لامرأة تونسية — ولا حتى عربية — أن خاضته بمفردها: نقل بضائع الجالية التونسية بين البلدين.
هذه السيدة التي أصبحت اليوم الاسم الأبرز في هذا القطاع، تؤكد أنها لم تصل إلى ما هي عليه بسهولة. ففي لقائنا معها، كشفت أن دخولها مجال نقل البضائع كان محفوفًا بالتحديات، خاصة فيما يتعلق بكسب ثقة أفراد الجالية. تقول:
“في البداية كان من الصعب أن يتقبل الكثيرون فكرة أن امرأة يمكن أن تتولى نقل حاجياتهم، لكن مع الوقت تعودوا على العمل معي… الثقة هي أساس كل شيء، وأنا عملت سنوات لأبنيها معهم.”
ومع مرور السنوات، لم تعد مجرد ناقلة بضائع، بل أصبحت حلقة وصل بين الجالية في المهجر وعائلاتهم في تونس. واكتشفت — حسب تعبيرها — مدى حاجة التونسيين بالخارج إلى خدمات آمنة وموثوقة، وإلى جهة تحمي حقوقهم. لذلك دعت خلال حديثها إلى إحداث إطار نقابي يمثّل العاملين في هذا المجال، نظراً لما يتعرض له الناقلون من ضغط ومسؤوليات كبيرة، وخاصة أولئك الذين يعملون منفردين.
تجربتها ليست فقط قصة امرأة تحدّت الصورة النمطية، بل أيضًا نموذج لقوة الإرادة والإبداع التونسي في المهجر. فقد حوّلت الصعوبات إلى فرص، وأصبحت اليوم التونسية الوحيدة في العالم التي تمارس هذا النشاط بشكل رسمي ومنظّم، ما جعل منها مرجعًا للجالية واسمًا يبعث على الثقة.
هي شهادة جديدة على أن المرأة التونسية — أينما كانت — قادرة على فتح الطرق التي لم تُفتح من قبل، وأن النجاح لا يعرف جنسًا ولا حدودًا، بل يعرف فقط الإصرار والإيمان بالذات.



